تنسيق تونسي ـ جزائري ـ ليبي مع منظمة الصحة العالمية لتعقّب أنفلونزا الخنازير والطاعـــــون
تنسيق تونسي ـ جزائري ـ ليبي مع منظمة الصحة العالمية لتعقّب
أنفلونزا الخنازير والطاعـــــون
تجهيزات متطورة بالمطارات والموانـئ ونقاط العبــــــور: تنسيق تونسي ـ جزائري ـ ليبي مع منظمة الصحة العالمية لتعقّب أنفلونزا الخنازير والطاعـــــون
* تونس ـ (الشروق):
بدأت الجهات الصحية التونسية والجزائرية والليبية والمصرية مع منظمة الصحة العالمية تحرّكاتها على أكثر من جبهة، للتصدي لامكانية انتشار عدوى وانتقال مرض أنفلونزا الخنازير او الطاعون.
والى حد الآن لا وجود لأي إصابة بالطاعون في تونس وفقا لمصادر من وزارة الصحة العمومية، بل ان الاصابات الموجودة في ليبيا منحصرة في بؤرة ضيّقة وصغيرة وهي متاخمة للحدود المصرية لذلك فإن السلطات المصرية تخشى على موسمها السياحي، امام وجود أكثر من مليون عامل مصري في ليبيا إضافة الى ان الحدود بين البلدين شاسعة وتبلغ اكثر من 1150 كلم في حين يمتد الشريط الحدودي بين تونس وليبيا على 459 كيلومترا فقط.
الطاعون او ما يطلق عليه علميا «اليرسينا الطاعونية» (Yersiniapestis) عبارة عن جرثومة ظهرت في العقود السابقة واختفت وبقيت تظهر من حين الى آخر وفي بؤر معيّنة وقد ظهرت في التسعينات في الهند، وهي
معدية، لكنها اقل خطورة من الوباء الرئوي.
وقد اتصلنا بوزارة الصحة العمومية، فأكد لنا
الدكتور المنذر البجاوي كاهية مدير المراقبة الوبائية ومكافحة الأمراض السارية، بأن «اليرسينا الوبائية» تصيب العقد اللمفاوية أو ما يسمى في تونس (الولسيس) بالانتفاخ، وهي جرثومة تتحرّك في الدم لكنها تنحصر في (الولسيس) ويمكن معالجتها بيسر وهي اقل خطورة من الوباء البكتيري الرئوي المعدي عن طريق
البصاق والتنفس.. فالعدوى في الحالة الثانية أيسر.
وطمأن بالقول إن السلطات الليبية بصدد محاصرة بؤرة الوباء (التي انتقلت بعض حالات العدوى منها الى الجزائر، عن طريق البدو الرحّل خاصة) وقال ان منظمة الصحة العالمية بصدد متابعة الأمر بدقة بالتنسيق مع الدول المعنية.
نظام صحي دقيق
أضاف أن علاج هذا الوباء ممكن بالمضادات الحيوية وقال اننا نتابع الوضع بدقة عالية وقدّرنا نسبة الخطر وتأكدنا بأنه
ضئىل.
الدكتور البجاوي قال ان نظامنا الصحي صارم جدّا ويمكننا بدقة رصد اي اصابة وفي صورة
وقوعها فإن التدخل سيكون عاجلا وفعّالا إذ اننا اعتمدنا نظاما للترصد يرتكز على أطباء وبيولوجيين ومخابر بيولوجية مجهّزة بأحدث التقنيات والتكنولوجيات وإن كل حالة يشتبه فيها تقع العناية بها وتتم
التحاليل الضرورية ثم حصرها ومعالجتها في صورة تأكد الاصابة وأضاف بالقول: «إننا جاهزون لكل الاحتمالات وعندنا كل الوسائل والأساليب لحصر الطاعون والعدوى».
وقال ايضا اننا بصدد متابعة ومراقبة زهاء العشرين مرضا أخطرها التي لها طاقة وبائية معدية وسريعة الانتشار، لذلك «ركزنا اطارا عاما لتقصّي الامراض السارية والاعلان عنها والتصدي لها بنجاعة» وقال «لقد اعلمنا الاطباء وقدّمنا لهم تحذيرات لمزيد اليقظة والرفع من اليقظة».
ونفى وجود اي حالة إصابة بهذا الوباء في تونس، وقال هناك تنسيق بين الدول المعنية ومنظمة الصحة العالمية، وحتى الحالات الموجودة في بؤر ضيقة في ليبيا او الجزائر فإن السيطرة عليها ممكنة.
هذا بالنسبة الى الطاعون المهدد بالزحف من الجنوب والمنتصبة له سواتر صحية منيعة، لكن كيف استعدّت الإدارة الصحية في تونس للفيروس الزاحف من الشمال، فيروس أنفلونزا الخنازير المعروف علميا باسم ( H1 N1 )؟
الضيف القادم من الشمال
وزارة الصحة العمومية التونسية توخّت منهجين أو طريقتين في مقاومة فيروس أنفلونزا الخنازير الطريقة الاولى وسمّاها محدثنا الدكتور منذر البجاوي باجراءات التصدي لمنع دخوله، لأن الفيروس كان في بعض المناطق في العالم مثل المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية وكندا... ووزارة الصحة حاولت رصد الوضع عن بعد مع تكثيف المراقبة في المطارات والموانئ ونقاط العبور وذلك بتركيز آلات رصد حرارية عن بعد تستخدم الأشعة ما فوق الحمراء ويمكنها رصد الحالات المصابة من خلال درجة حرارة الجسم، كما يتم أحيانا اللجوء الى قياس درجات الحرارة في الحالات المشتبه بها بالوسائل العادية والمعروفة وتمت مراقبة كل الوافدين بدقة الى ان اعلن رسميا عن وجود ثلاث حالات، هي الآن بصدد المتابعة وقال هناك 60 حالة مشتبه بها ولكنها تحت السيطرة ولا يمكننا تأكيد الاصابة.
ليس أخطر من النزلة الشتوية
وقد ركزت وزارة الصحة مخبرا مركزيا في مستشفى شارل نيكول بتونس العاصمة لتقصي وتحليل الاصابات والحالات المشتبه بها
وفي صورة وجود اصابة فإنه يتم عزلها وعلاجها، وقال المسؤول عندنا مخزون كاف من الأدوية لمقاومة أنفلونزا الخنازير.
أما المرحلة الثانية او الأسلوب الثاني، فبعد ان غيّرت وزارة الصحة طريقة التصدي اثر اكتشاف ثلاث اصابات لأشخاص وافدين استعدّت كل
الجهات المعنية بشكل صارم، وقال محدّثنا لقد تبيّن انه ليس خطيرا وليس اكثر خطورة من النزلة الشتوية العادية (الريب).
وأضاف بعض الفيروسات عندما تظهر في سلالة جديدة يخشى الجميع من خطورتها مثلما هو الشأن لفيروس N5 H1 المعروف باسم أنفلونزا الطيور، الا ان N1H1 نسبة الإماتة (الموت) فيه ضئيلة، حتى ان الحالات التي ظهرت في المكسيك وكندا تمت السيطرة عليها وهناك من لم يعد يتناول الدواء.
طوارئ منظمة الصحة العالمية
هنا يطرح السؤال، ما دام فيروس أنفلونزا الخنازير ليس خطيرا فلماذا إذن كل هذه التحذيرات وحالة الاستنفار العالمية، خاصة من قبل منظمة الصحة العالمية التي رفعته الى الدرجة السادسة واعتبرته وباء عالميا؟
الدكتور المنذر البجاوي يجيب بالقول ان هناك بعض الفيروسات التي لا تبدي خطورة في بدايتها اي مع موجتها الاولى لكنها
تتطوّر لاحقا من موسم الى آخر وتتمكن من التأقلم وتصبح لها قوة اكبر، وان تحذيرات منظمة الصحة العالمية تأتي في هذا الاطار، اذ هناك تخوّف من الموجة الثانية لهذا الفيروس والتخوّف من ان يتطوّر خاصة
خلال الشتاء المقبل لذلك يجب الاستعداد له من الآن لمجابهته.
وأضاف اننا سنقوم بحملة توعية
وتوزيع اكثر من 100 ألف معلقة لهذا الشأن وقال اننا جاهزون بنسبة عالية فمخزون الأدوية كاف والكواشف دقيقة.
الخوف من الموجة الثانية
وفي صورة انتشار الفيروس في موجته الثانية خلال الشتاء المقبل ماذا ستفعل وزارة الصحة؟
أجابنا المسؤول بالوزارة بالقول في صورة الانتشار فإننا سنركّز على الحالات الخطيرة وتوقع ان يكون عدد الاصابات في الشتاء المقبل اكبر مما هو عليه الآن وهو ما يمكن ان يؤثر اكثر على كبار السن والمصابين بأمراض الرئة والقلب وبعض الأمراض المزمنة، لذلك سوف يكون تركيز الأطباء حسب الخطورة ودرجتها.
وقال اننا جاهزون بالمعدّات وبسيارات الاسعاف ولنا كل الامكانات والوسائل للتصدي، وفي صورة وجود إصابات مؤكدة فإنه سيتم عزلها حتى لا تنتشر العدوى اكثر وربما سيتم تركيز عيادات خاصة بالمصابين، ولكن هناك دور هام للمواطن اذ تبدأ الحماية من المنزل وذلك بالقيام بعزل المصاب واستعمال المناديل الورقية ثم رميها في الحاويات خاصة وبشكل مؤكد غسل اليدين اكثر من مرة في اليوم مع اتخاذ الاجراءات الوقائية التي سيتم الاعلان عنها في المعلقات وحملات الترشيد.
وقال محدثنا ان الامر لا يدعو الى القلق او الفزع فالوقاية ممكنة والعلاج ايضا موجود ومتوفّر وفعّال فالمرض ليس
خطيرا.
هل هي الحرب؟
وعموما، فإن ما يمكن قوله هو ان الوقاية تبقى هي الأهم فموقع تونس الجغرافي جعلها تقع في منطقة بين كماشة تهديد الزحف الوبائي وزحف أنفلونزا الخنازير القادم من الشمال ويبقى السؤال مطروحا لماذا اصبحنا نسمع من حين الى آخر بأوبئة وفيروسات متطوّرة لتجعلنا أمام استفهام متعلق بالأوبئة والأدوية العالمية واشكالية مخابر صناعة الفيروسات والجراثيم، فهل هي حرب جديدة؟ أسلحتها الأوبئة وأساليبها قذرة؟
* منجي الخضراوي